السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله وبياكالدرس الثالث من سلسلة دروس العقيدة للدكتور ناصر العقل
اسم المادة: العقيدة - المستوى الأول
اسم الدرس: وجوب الاتباع وذم الابتداع
وهذا رابط التسجيل الصوتى للدرس
http://www.islamacademy.net/Index.aspx?function=Item&id=57&node=321&format=rm&lang=Ar
ولكم تفريغ المادة
وجوب الاتباع وذم الابتداع
فضيلة الشيخ/ د. ناصر العقل
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمد عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وآله، رضي الله عن صحابته والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
بعون الله وتوفيقه نستأنف الدرس، ولنصل هذا الدرس بالدرس السابق، أحب أن أعرض بعض الأسئلة أولا على الطلاب الحاضرين، ثم بعد ذلك على الإخوة المشاهدين، وتردنا الأجوبة عبر موقع الأكاديمية.
أولاً: ذكرنا قواعد وأصول في منهج التلقي والاستدلال، فما المقصود بمنهج التلقي؟
مصادر التلقي هي الكتاب والسنة وما أجمعت عليه الأمة.
إذن المقصود بالتلقي هو الاستمداد.
نعم استمداد الأحكام الشرعية.
الدين كله بعقيدته وأحكامه أحسنت.
ذكرنا شيئا من القواعد، ما القاعدة الثانية؟
القاعدة الثانية: تقول كل ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وجب قبوله والعمل به، وإن كان آحاد سواء في العقائد أو غيرها.
بمعنى كل ما صح بمعنى ثبت سنده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن طريق العدول الثقات من قول أو فعل أو تقرير وجب قبوله.
ما معنى القبول هنا هل مجرد العمل؟
التصديق.
هذا أولاً، أول درجات القبول التصديق.
ثم العمل بمقتضاه.
نعم، ثم العمل، التصديق ينبثق منه: الإذعان والاستعداد للعمل، ثم بعد ذلك العمل والتنفيذ، لكن العمل مشروط بالاستطاعة، أما القبول والتصديق فلا يعذر به أحد، والإذعان والتسليم.
السؤال الثالث: عن القاعدة الثالثة ما هي؟
القاعدة الثالثة: أن العقل الصريح لا يتعارض مع النقل الصحيح، وإذا توهم التعارض أن يقدم النقل على العقل.
أحسنت، العقل السليم، العقل: الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا يمكن أن يتعارض مع الدين؛ لأن الدين شرع الله، والعقل خلق الله وهذا من أمره، وهذا من قدره، ولايمكن أن يتعارض شيء من أمر الله وخلقه على الإطلاق.
إذن كما قال زميلكم: إذا توهم التعارض بمعنى أن الإنسان تصور أو بدا له أو شعر بشيء من التعارض بين المقررات عقلا التي يتوهمها وبين نص شرعي، وطبعا هناك قواعد كبيرة للجمع بين الأمرين، ستأتي في الدرس القادم، لكن لأول وهلة نقول: ينبغي أولا أن نسلم للنص اذ سلم من العوارض ثم العقل بعد ذلك سيسلم بمقتضى النص.
والآن سأوجه ثلاثة أسئلة لجمهور المشاهدين، وأرجوا أن يجيبوا على موقع الأكاديمية.
السؤال الأول: ما مصادر الدين، عموما ومصادر العقيدة على وجه الخصوص؟
السؤال الثاني: ما المرجع المأمون في فهم نصوص الكتاب والسنة؟
السؤال الثالث: جاء في القاعدة السابعة أنه يجب الالتزام بالألفاظ الشرعية في العقيدة والدين، وتجنب الألفاظ المحدثة والمبتدعة، أريد مثالا واحدا على هذه القاعدة، وكيف نطبق القاعدة عليها؟
يقول الشيخ: والآن على بركة الله نبدأ درس اليوم وقد وصلنا إلى القاعدة الثامنة، يتفضل الأستاذ معمر بقراءة القاعدة الثامنة.
بسم الله الرحمن الرحيم، (القاعدة الثامنة: العصمة ثابتة للنبي - صلى الله عليه وسلم - والأمة في مجموعها معصومة من الاجتماع على ضلالة، وأما آحادها فلا عصمة لأحد منهم، وما اختلف فيه الأئمة وغيرهم فمرجعه إلى الكتاب والسنة، وما قام عليه الدليل قبل، مع الاعتذار للمخطيء من مجتهدي الأمة).
أحسنت، هذه القاعدة بدأناها في الدرس الماضي، لكن لم نستكملها فهي تتضمن عدة فروع، بمعنى أنها تشمل عدة خطوات:
الأولى: أن العصمة في الدين بحيث لا يرد الخطأ مطلقا ثابتة للنبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه لا يمكن أن يتطرق إليه خطأ في الدين، ولو أنه حدث منه شيء على سبيل البيان والتشريع، فإن الله عز وجل لا بد أن يسدده، وعلى هذا فإن كل ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير فإنه على الكمال وهو وحي الله ولا يمكن أن يتطرق إليه الباطل بإطلاق؛ لأن العصمة تعني عدم ورود شيء مما ينافي الحق، ثم الأمة في مجموعها كما أسلفت في الدرس الماضي في مجموعها معصومة من الضلال، ما معنى في مجموعها؟
معنى ذلك أن الحق لا يخرج عن مجموع الأمة، نعم، قد لا تجتمع كلها على أصول الحق لكن يبقى منها طائفة على الحق، وقد يكون الحق أحيانا مع طائفة في جانب، ومع طائفة أخرى في جانب، ولا يصفوا الحق في طائفة كاملة إلا في أهل السنة والجماعة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم) فعلى هذا فإن الأمة لا تقع كلها في الباطل، لكن تقع طوائف منها في الأهواء والبدع والافتراق، وهذا لا يتنافى مع عصمتها، بمعنى حتى لو أن أكثرية الأمة وقعت في الأهواء والبدع والافتراق فلا بد أن تبقى طائفة على الحق.
ومن هنا يتبين معنى الأمة في مجموعها لا تجتمع على ضلالة وهذا نص حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - (لا تجتمع أمتي على ضلالة) أما آحادها يعني أفرادها أو حتى مجموعاتها بفرقها أو بمذاهبها قد يقع الخطأ فلا عصمة لأحد، بل أبى الله عز وجل إلا أن ترد أخطاء حتى على ألسنة وأقوال وأفعال كثير من العلماء الجهابذة الراسخين في العلم؛ ليتبين أن العصمة لا تكون إلا للرسول - صلى الله عليه وسلم - فلا يخلو عالم من خطأ أو زلة على الإطلاق، وبذلك لا يقدح في قدر العالم كما سيأتي.
فعلى هذا أن آحاد الأمة: يعني أفرادها أو جماعاتها أو مذاهبها يمكن أن يتطرق إلها خطأ فلا عصمة لأحد منهم، وما اختلف فيه الأئمة هذه قاعدة متفرعة ومهمة جدا، ما اختلف فيه علماء المسلمين بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة والتابعين وغيرهم نتحاكم فيه إلى الكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة على منهج الاستدلال - الذي ذكرناه - وعلى المرجعية في فهم الكتاب والسنة - كما سبق - فما وافق الكتاب والسنة فهو المقبول وغيره مردود، لكن رده لا يعني الاعتداء على المخطئ خاصة العالم بل يجب أن يبقى له حقه و يبقى له قدره واحترامه، ووقوعه في الخطأ لا يعني ذلك اختلال المنهج عند العالم، العالم الراسخ المستقيم على السنة يبقى في الأصل على المنهج، لكن مفردات أطواله جزئيات اجتهاداته قد يقع فيها خطأ.
فعلى هذا إذا أخطأ فلا بد أن نعتذر له، ولا نجعل الخطأ ذريعة إلى الطعن في ذمته، أو شحن قلوب الناس عليه كما يفعل كثير من الجهلة اليوم والحمقى، حينما يذل عالم في قضية من القضايا يشهرون به ويسقطون اعتباره عند عامة الأمة وهذا خلاف المنهج الأصلى، بل هذه كارثة على الأمة، وما كانت الأمة تسلك هذه المسالك في الأزمان القديمة إلا عندما وفدت على الأمة اليوم كثير من الأفكار التي زعزعت المسلمات والثوابت في قلوب عامة المسلمين، ومع ذلك لا يزال هذه الظاهرة الخطيرة قليلة والحمد لله في الأمة، لكن معظم النار من مستصغر الشرر فيجب أن نستدرك الأمر ولا ندع الفرصة للمشككين في علمائنا ومشايخنا في التقاط ذلاتهم وتهويلها والتهويل من شأنها.
إذن الاعتذار للمخطيء أصل شرعي، المخطيء، المجتهد في هذه الأمة لا بد أن نعتذر له، لكن أيضا لا بد أن نتنبه لشيء، وهو الحذر من ذلة العالم، العالم قد يذل وليس المقصود الذلة في بعض الفتاوى الجزئية، الذلة الخطيرة هي التي توقع الأمة في فتنة توقع الناس في شبهة، أو توقع في مفسدة عظمى، هذه هي الذلة الخطيرة، أحيانا تكون ذلة منهجية أو ذلة في فتوى تخرق قواعد الشرع القطعية، تخرق النصوص الثابتة، فالعالم عندما يكون منه ذلك كما - قلت سابقا - لا يعني أننا نخرجه من زمرة العلماء إذا توافرت فيه صفات العالم الرباني لكن أيضا نحذر أن نتبعه على ذلته، أقول هذا؛ لأن بعض الناس يفهم من احترامنا للعالم أننا نأخذ كل أقواله دون عرض على الكتاب والسنة ودون عرض على العلماء الآخرين وهذا مسلك ليس بسليم، إذًا ذلة العالم إذا كانت في أمر خطير يجب أن نعالجها بالأصول الشرعية.
أولا: كيف نعرف ذلة العالم؟
ليس لعامة المسلمين أن يحكموا على الموقف أو فتوى العالم بأنها ذلة، إنما يرجع فيها إلى العلماء الكبار، الراسخين في العلم، فإذا كان هذا الموقف من العالم أو الفتوى بمثابة الذلة وحكم عليها العلماء بأنها ذلة عالم، من هنا نقف منها على النحو التالي:
نرد هذه الذلة ولا نعمل بها ونعتذر للعالم؛ لأنه اجتهد فأخطأ.
إذن الذلة نعرفها بعرضها على الكتاب والسنة، من قبل العلماء نعرفها بموقف العلماء، نعرفها بأثرها على الأمة، إذا كان أثر يؤدى إلى فتنة أو مفسدة أو فرقة، فإن ذلك يعني أنها ذلة عالم نتجنبها.
القاعدة التاسعة: (في الأمة محدثون ملهمون كعمر بن الخطاب رضي الله عنه، والرؤية الصالحة حق وهي جزء من النبوة، والفراسة الصادقة حق وفيها كرامات ومبشرات بشرط موافقتها للشرع وليست مصدرا للعقيدة ولا للتشريع).
أحسنت، هذه القاعدة تشمل ثلاثة أمور: الأمر الأول: الإلهام وهو نوع من الفراسة، والنوع الثاني: الرؤية، والنوع الثالث: الفراسة.
كل هذه الأحوال الثلاثة تدخل في باب واحد وهو باب ما ينكشف لبعض العباد من أمور قد لا تنكشف لغيرهم، ما ينكشف لهم عبر الإلهام أوعبر الفراسة أو الرؤية الصادقة، إذا توافرت فيه الشروط ووافق الكتاب والسنة فهو حق، لكن لكل نوع حال وتفصيل:
الإلهام هو ما يلقيه الله عز وجل في قلوب بعض عباده في إدراك الحق في قضية قد تشكل على الأمة سواء كانت قضية فردية أو قضية جماعية، قضية من القضايا قد تغمض تشتبه يحتاج الناس فيها إلى أن يعرفوا وجه الحق لالتباس النظر فيها أو تعدد وجوه النظر فيها، فالله عز وجل قد يلقي في قلوب بعض العباد إدراك الحق في هذه المسألة فيسمى هذا إلهام لكن ليس عن طريق الوحي إنما هو أمر ينكشف للإنسان مما يتوافق مع الكتاب والسنة إذا توافرت فيه صفات الإيمان والتقوى وتوافرت فيه صفات الفقه في الدين إلى آخره.
إذًا الإلهام: هو فتح من الله عز وجل للعبد ليس عن طريق الوحي، إنما عن طريق التوفيق في الخروج من مقتضى الالتباس إلى البيان والوضوح.
فعمر بن الخطاب، نعم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - اشتهرت عنه مواقف ألهمه الله فيها للحق كثيرة جدا، وقد أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بكثير من آرائه في تلك المواقف التي ترددت فيها الأمة في ذلك الوقت، نعم، نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن الله يوحي إليه، لكن في مثل هذه الحالات أن يلقي الله الحق على قلب رجل أو لسانه هذا من باب التشريع للأمة.
وكذلك الرؤية الصالحة، الرؤيا الصالحة في الحقيقة قد تشتبه بالأحلام.
وعلى هذا فإن الرؤية الصالحة هي التي تتوافق فيها شروط الرؤية، وأهم شروط الرؤية أن توافق الكتاب والسنة وألا تتعارض مع الحق، لا تخالف مع الشرع ولا توقع في بدعة ولا ظلم ولا عدوان، فهي من المبشرات والأحلام قد تختلط بالرؤى، فإذا أخذنا ما يحلم به الناس على هذه الضوابط موافقة الكتاب والسنة، لا يكون فيها ما يخالف الشرع، لا يكون فيها بدعة لا توقع في ظلم أو عدوان إلى آخره، فهي رؤية صالحة، وإلا فقد تكون حلم، من هنا كثير ما يختلط على كثير من المسلمين الرؤى بالأحلام، ولذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر في الحديث الصحيح أن ما يراه الناس في المنامات على ثلاثة أصناف:
الصنف الأول: التي هي رؤيا حق.
الصنف الثاني: رؤيا عبارة عن انطباعات أو أحلام، عبارة عن نطباعات ما يحدث به الإنسان نفسه في اليقظة أو ما يسمعه ويتلقاه من الأحداث والمشاكل، فينعكس هذا على شكل أحلام، هذا على اعتبارين: رؤيا يحدث به الرجل نفسه، كما هو نص حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - .
النوع الثالث الذي ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - : رؤيا من تحزين الشيطان، يعني بمعنى من عبث الشيطان بالإنسان، خاصة إذا لم يعمل المسلم بالأسباب المشروعة لحمايته من عبث الشيطان كأن ينام بلا و رد أو ينام على معاصي، آخر عهده بالنوم فعل معاصي أو سماع أمور لا تجوز شرعا، أو غيبة أو نميمة، أمور تحجب القلب عن حقيقة الإيمان، فإنه يتسلط عليه الشيطان فيأتيه بأحلام ويوهمه بأنها رؤى صالحة وهذا كثير في الناس.
النوع الأول: هو الحق التي وصفها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها رؤيا حق، قال فرؤيا حق، قال الرؤيا ثلاث: فرؤيا حق، رؤيا الحق كما قلت هي التي توافر فيها هذه الصفات وهي أيضا على نوعين:
الرؤية الصادقة الصريحة التي تأتي كفلق الصبح لا تحتاج إلى تأويل، فمثلا إنسان رآى في منامه أنه يحفظ القرآن، توافرت في هذه الرؤيا شروط الرؤيا الصالحة، فغالبا أنه بإذن الله سييسر له حفظ القرآن أو نحو ذلك من الرؤى التي لا تحتاج إلى التأويل، ليس فيها التباس، ليس فيها أمثال تضرب إنما هي رؤيا بينة تفسيرها فيها وهذا يقع لقلة من الناس الذين تتوافر فيهم صفات العبادة والزهد والورع والمال الحلال وسلامة القلوب هؤلاء غالبا رؤاهم صادقة لا تحتاج إلى تفسير تفسيرها فيها وغالبا هذا النوع إذا تيقظ من منامه بعد الرؤيا لا يحتاج أن يفسرها؛ لأنها تفسر نفسها.
والنوع الثاني: رؤيا عبارة عن أمثال تضرب للناس برموز بأسماء بأحوال بأشكال مثلا إشارات يعرفها أصحاب الرؤى الصادقة.
ثم كذلك الكرامات تختلط الخوارق التي تكون من باب الفتنة والابتلاء وهذا أيضا مما اختلط على كثيرمن الناس، الكرامات الصالحة، الكرامات الحقيقية هي من جنس الإلهام ومن جنس الرؤى، لكن ليس كل ما يحدث للإنسان من خوارق الأمور يعد كرامة، هذه مسألة مهمة، بل أحيانا الكرامة نفسها تحدث لإنسان فإذا ما عاملها معاملة شرعية، ما تعامل معها على أصول الشرع تنقلب إلى فتنة، وذلك أن الكرامة لا تكون إلا بحق ولا تكون إلا بمقتضى الكتاب والسنة، لا تكون في تأييد بدعة ولا تأييد ظلم ولا تأييد عدوان ولا تكون أيضا من الأمور التي تؤدي بالإنسان إلى الوقوع في معصية أو بدعة، فإذا كانت كذلك فليست كرامة، فهي من خوارق ومن عبث الشيطان بالإنسان.
ثم أيضا من سمات الكرامة الحقيقية أنها تؤدي بصاحبها إلى قوة الإيمان والتواضع وأن يكره ذكرها ونشرها خوفا من الرياء، ومن هنا أعرج على ما ذكرته قبل قليل من أن كثير من المسلمين يفتن بالكرامات لعدة أسباب:
أولاً: أنها قد تأيد بدعة فيظن أنه بذلك مؤيد على حق وهو على باطل.
الأمر الثاني: أن بعض الناس إذا رأى كرامة، أو رويت له إذا صارت له كرامة أو فعلت له ظن أن ذلك دليل الولاية اللازمة والأبدية، وهذا لا يلزم ثم يشرع في نشرها والتحدث بها، والافتخارو الغرور بها؛ فيؤدي هذا إلى استدراجه إلى الباطل والبدعة والغرور والرياء؛ فيحبط عمله فتكثر عليه الخوارق التي تشبه أو تختلط بالكرامات وهي ليست كرامات.
ومن هنا يجب أن ننبه الجميع أنه ينبغي أن يعرض كل إنسان يحدث له ما هو خارق أو غريب يعرضه على مقتضى الكتاب والسنة، إن كان يفقه وإلا فيعرضه على العلماء الربانيين، ولينظر إن كانت كرامة؛ فليحمد الله عز وجل عليها، وليسأل الله التثبيت ولا ينشرها ولا يفتخر بها.
ثم أخيراً: كل هذه الأمور: الرؤية الصادقة، والفراسة، والإلهام، والكرامات، ليست مصادر للتشريع، بمعنى لا يأخذ منها دليل شرعي مستقل عن الكتاب والسنة، فهي مبشرات مؤيدات للنصوص، فإذا لم يكن الأمر كذلك فلا يعتد بها فتكون من باب الابتلاء أو عبث الشيطان ليست مصدرا للتشريع، لا يجوز الإنسان أن يعمل بعبادة أو يستحل شيئا من الأمور المحرمة أو يحرم شيئا من الحلال بدعوى أن هذا جاءه عن طريق الإلهام أو الفراسة أو الكرامات ونحوها، فإن هذه مهالك يجب أن يحذر منها المسلم.
القاعدة العاشرة: (المراء في الدين مزموم والمجادلة بالحسنى مشروعة، وما صح النهي عن الخوض فيه وجب امتثال ذلك ويجب الإمساك عن الخوض فيما لا علم للمسلم به وتفويض علم ذلك إلى عالمه سبحانه).
وهذه أيضا من القواعد السلوكية؛ لأنه كما تعرفون العقيدة والدين كما أنه في الأمور القلبية كذلك هو منهج في أمور الحلال والحرام، وهو منهج أيضا في التعامل مع الخلق، وأظن مسألة التعامل مع الخلق هي المحك والاختبار لكثير من المسلمين اليوم، لأنه من السهل أن يدعي المسلم أنه يعرف الاعتقاد، من السهل أن يدعي أنه يعلم أشياء كثيرة في الدين، من السهل أيضا أن يرى منه أنه يباشر أعمال الإسلام الظاهرة، لكن هذا كله لا يعطينا مصداقية تمسك المسلم بدينه بقدر ما يعطينا التعامل تعامله مع الناس هل هو على مقتضى العقيدة والشرع، ومن أصول التعامل أو من أعظم أبوب التعامل مع الخلق ما يتعلق بالحوار، يعني المواقف تجاه الآخرين مع المسلم هذه لها باب آخر سيأتي في آخر الدروس، لكن هذا متعلق بتقرير الدين والدفاع عنه وهو التعامل مع المخالف أوالتعامل مع المخطيء في نصحه، وبيان الحق له، وإقامة الحجة عليه، كيف يكون؟ وهوأنه يكون بالنصيحة والمجادلة بالحسنى، ما معنى المجادلة بالحسنى؟
هذا ما سنذكر بعض الأصول فيه:
أولاً: ينبغي أن يعرف المسلم أن المراء في الدين مذموم بمقتضى الكتاب والسنة، ما المقصود بالمراء؟
المراء: صنوف كثيرة أهمها وأخطرها الجدال بغير حق، وبغير قصد الحق، الانتصار للرأي، الانتصار للمذهب، الانتصار للقوم، التشفي من المخالف، أيضا عدم الوقوف على الدليل، الذي يسمى التمادي، يعني المسلم قد يجادل ويعني يقارن الحجة بالحجة والدليل بالدليل، يسأل فيجاب، لكن إذا تعدى الأمر أكثر من ذلك بمعنى أن يعيد السؤال لغير حاجة يلح بالقضية والشبهة مرة أخرى كأنه يريد أن يصر على قوله لا يكتفي بمجرد أخذ الدليل أو الاستفهام من الدليل، بل يزيد مرة أخرى يماري يعني يكرر الكلام لغير حاجة، هذا يسمى مراء.
إذًا الكلام للحاجة بالضوابط الشرعية هذه مجادلة بالحسنى، أما ما زاد عن الحاجة وما وقع في ما نهى الله عنه من الانتصار للباطل، انتصار للهوى، عدم التوقف عن الحجة والدليل، فإن هذا يعد من الأمور المذمومة وهو المراء في الدين، أما المجادلة بالحسنى فهي مشروعة بشروطها لكن ما معنى بالحسنى؟ وما المجادلة؟
المجادلة أولا: هي النصيحة في الدين، أن تنصح لأحد فتبين له وجه الدليل، وتفهمه ما لم يفهمه إذا كنت فقيه، وأن يكون ذلك على مقتضى الكتاب والسنة، وأن يكون ذلك بقصد حسن أن تقصد الحق قصد الحق، أن تتجرد من الهوى ومن الرأي (....كلمة غير مفهومة)28:04، أن تتمثل قاعدة الإمام الشافعي - رحمه الله - وهي قاعدة ذهبية عظيمة هي مقتضى الكتاب والسنة يقول: "والله ما جادلت أحدا إلا تمنيت أن يجرى الله الحق على لسانه" أقسم أنه تمنى أن يجري الله الحق على لسان خصمه لماذا؟ لأنه طالب حق يتمنى أن ينقذه الله من رأي خاطيء أو اجتهاد خاطيء.
وهكذا يجب أن تكون المجادلة، تكون بالكتاب والسنة بقصد الحق التجرد من الهوى والتسليم والإذعان للدليل، إذا قال خصمك: قال الله عز وجل، وفهمت قول الله وعرفت أنه حجة في هذا الباب فتتوقف وتقول آمنا بالله، وإذا قال عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاءك الدليل وأنه حجة، تقول: قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قلبي وبصري وسمعي لا أحيد عنه، تترسم ذلك قبل النقاش قبل المجادلة، أيضا عدم التعصب أيا كان، من شروط المجادلة بالحسنى ألا تتعصب وألا تنتصر لنفسك، وألا تحرص على هزيمة خصمك، لا تحرص على التشفي كما يفعل بعض المجادلين، وإذا رأيت من خصمك استعدادا لقبول الحق فشجعه على ذلك، لا تفرح عليه لا تشعره بأنك انتصرت فتنتفخ وتنتفش، فربما يؤدي ذلك إلى رده عن الحق وحجبه عن قبول الحق.
فليتق الله المجادل وليلتزم أيضا أدب الحوار، يتكلم برفق النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه) والرفق يشمل: الرفق في العبارة، والرفق في التعامل، والرفق مع الخصم والرفق خلال عرض الحجة، الرفق أيضا بالصيغة والأسلوب، فلا يؤدِ بك الخصام إلى رفع الصوت أو اللجاجة أو التكرار لغير حاجة، وعليك بالحلم والتأدب، وأن يكون رائدك في المجادلة النصيحة، سواء للمسلم أو لغير المسلم، يكون رائدك النصيحة وهداية الآخرين، تكون حريص على الهداية، ثم تاج ذلك كله أن تكون المجادلة بعلم وفقه، لاتجادل وأنت لا تعلم.
ومن هنا أنبه إلى ظاهرة خطيرة انتشرت خاصة عبر وسائل الإعلام والإنترنت، وهي أن كثيرا من شبابنا تأخذهم الغيرة للدفاع عن الدين إلى أن يجادلوا بغير علم، وأن يخاصموا المخالفين بغير حجة ولا فقه ولا عمق، فأحيانا بل كثيرا ما يقولون على الله بغير حق، وكثيرا ما يوقعون الحق في حرج، يقولون أشياء ليست حق، يظنون أنها حق؛ لأنهم ليس عندهم فقه في الدين يستفزهم الخصم، يقعون في المهاترات، هذا كله؛ لأنهم لم يدخلوا بعلم، ظنا منهم أنه لا بد أن يدافعوا عن الدين غيرة نقول: لا من شرط الدفاع عن الدين أن تكون على علم وبصيرة والله عز وجل نهاك عن أن تدخل بلا علم والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾[الإسراء: 36]، أما أن يهلك بعض الناس أن يقعوا في شبهات وبدع فالله يتولاهم، ﴿لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ﴾[البقرة: 727]، وثق أن الله عز وجل سيسخر من أهل العلم و الفقه والعمق في العلم من يقوم بالحجة، لكنك يجب أن تصبر وأن تحلم وأن تهيأ نفسك.
ثم أخيرا في هذه القاعدة أقول يجب أن يكون المسلم متجرد، لا عن الحق كما يفهم كثير مع الأسف من الكتاب والباحثين الذين ظنوا أن التجرد تجرد عن الحق، لا، الذي يملك الحق وهو المسلم لا يجوز أن يتجرد على الحق، لكن يتجرد عن الهوى، وهذه مسألة مهمة جدا؛ لأن بعض الناس يظن معنى التجرد ألا يكون له عقيدة ولا رأي، لا هذا خطير قد يوقع في الردة، بل يجب أن تلزم عقيدتك ومسلمات دينك ويكون المحتكم هو الشرع في جميع أمورك فلا تتخلى عن دينك بدعوى التجرد، إنما المقصود بالتجرد التجرد من الهوى بالتزام ثوابت الحق ومسلماته التجرد من الرأي المسبق، البحث عن الحق من خلال الدليل، ولا تبحث عن الدليل الذي يؤيد ما في نفسك، تقع في الهلكة، الكثير ممن يجهلون هذه القاعدة تجده في نفسه شيء يميل إليهت عنده رأي يقلد جماعة أو حزب أو شيخ أو عالم يؤسس في نفسه هذا التقليد فيذهب ليستدله، هذا خطأ بل انحراف، بل يجب أن يكون رائدك البحث عن مواطن الحق في ثنايا الدليل، وأن تتجرد تجردا كاملا عن أي فكرة سابقة إلا الثوابت نتكلم الآن عن الاجتهاديات إلا الثوابت الثوابت لا نتجرد منها أما ما عدا ذلك فيجب أن يكون البحث عن الحق من خلال الدليل لا البحث عن الدليل الذي يؤيد الرأي فإن الإنسان يهلك في هذا، الله عز وجل يقول ﴿ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾[ص: 26]، يضلك حتى ولو بحثت عن الدليل لأن الله عز وجل يقول ﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾[آل عمران:7 ]، وهو القرآن قد يكون كما هو هدى وعصمة لمن وفقهم الله عز وجل لمن واتبعوا السبيل الرشيد كذلك هو عمل وهلاك لمن أخذه على غير وجهه.
اقرأ القاعدة الحادية عشرة.
القاعدة الحادية عشرة: (يجب الالتزام بمنهج الوحي في الرد كما يجب في منهج الاعتقاد و التقرير، فلا ترد البدعة بالبدعة، ولا يقابل التفريط بالغلو ولا العكس).
أيضا هذه قاعدة منهجية عملية تطبيقية، لكني لعله من المفيد أن أعيد الإخوة المشاهدين إلى مسألة نسيتها: وهي مهمة جدا إتماما للقاعدة السابقة العاشرة وهي: ما الأشياء التي أمرنا بالإمساك عنها؟
فيه أشياء كثيرة أولا: أي شيء من الدين لا علم لنا به يجب الإمساك عنه، أي شيء من الدين صغير أو كبير لاعلم لك به يجب ألا تخوض فيه بغير حق، بل تأثم أشد الإثم حتى وإن كان دافعك الغيرة، أو البحث عن الحق، إن كنت لا تملك آلية البحث عن الحق فيجب أن تمسك عن كل ما لا تعلمه من أمور الدين، وما أجرأ الناس اليوم على خرق هذه القاعدة، كنا نعهد في سنين ليست بالبعيدة أن عامة الناس والشباب وغيرهم إذا تكلم أحد في الدين وجدنا عندهم هيبة في القول في الدين يتطلعون إلى رأي العالم يتطلعون إلى طالب العلم، إذا ما منهم عالم قالوا: ياجماعة هذه نسأل عنها العلماء الآن انعكس الأمر في كثير من المجالس لا بأس أن نذكر أمراضنا التي نعالجها في كثير من المجالس الخاصة والعامة تجد الناس جرءاء على الدين، وقد تثار قضايا كبار احتار فيها واختلف فيها كبار الأمة في عهد الصحابة إلى يومنا هذا، وإذا طرحت في بعض المجالس تجد الرويبضة قليل العلم قليل الأدب هم الذين يسبقون الحاضرين فيها وتجد له رأي دون تبصر بل أحيانا يسيطر على الموقف بحيث يعادي ويوالي على رأيه، في قضية كبيرة تجد العلماء لا يزالون يبحثون فيها، فلا عن القضايا المعاصرة والنوازل التي نزلت على الأمة وتحتاج مثل الأحداث الكبرى وقضايا الطب وقضايا العلم الحديث قضايا المشتبهات الوسائل المدنية الحديثة ما الموقف منها الاقتصادية وغيرها، هذه أمور كبار نجد أن الناس جرءاء فيها ولا يرجعون إلى أهل العلم فيها، ولا يحترمون أهل العلم فيها فهذا قول على الله بغير علم وهو مما يعني وقوع فيما نهى الله عنه وعدم امتثال أمر الله في الإمساك عن الخوض فيما لا علم للمسلم به، ومن ذلك القدر والغيبيات كل أمر غيب يجب ألا تتكلم فيه بغير علم عندك دليل تكلم فيه، ما عندك دليل هو غيب غائب عنك عن جميع مداركك ومعنى الغيب هو غائب عن جميع الحواس والمدارك، ما كان في متناول الحواس والمدارك والعلم التجريبي أو المشاهدة فليس بغيب.
من هنا الغيب هو ماغاب عنك مما أخبر الله عنه أو أخبر عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - يجب الوقوف فيه على قدر النصوص، ولا يتكلم فيه الإنسان بغير علم.
كذلك قضايا المناهج الكبرى قواعد الدين، قضايا العقيدة الأصول الثوابت المسلمات، هذه تأخذ على التسليم ولا تناقش، لا، لأن المسلم محذور أن يفكر بعقله، لكن لأن الله أراحه، ومما أنعم الله به على هذه الأمة أن الله عز وجل أراحها من أن تتكلف البحث عن أمور لا تطيقها منها أمور العقيدة والغيبيات.
نعود إلى القاعدة الحادية عشرة: وهي سهلة تطبيقية، أنه كما يجب الالتزام في منهج الوحي في التأصيل وهو التزام الدليل ومصادر الكتاب والسنة بالتزام المنهج الذي ذكرته قبل قليل في الجدال والمراء والمجادلة بالحسنى، كذلك كما يجب هذا في التأصيل والعلم والفقه في الدين، كذلك يجب في الرد، لماذا قلنا هذا؟ لأن بعض الناس قد تجده عند التقرير والبيان يخرج من سمته ويستعمل ردود الأفعال قد يعالج الغلو بالتفريط، فإذا رأى الناس تشددوا أو غلو راح يتساهل في الدين كما يفعل المسئولين الآن عبر كثير من الوسائل، لما رأو بعض طوائف الأمة نزعوا إلى الغلو والعنف راحوا إلى الطرف الآخر المعاكس؛ فميعوا الدين، وأضاعوا معالمه بدعوى حرب الغلو فهذا خطأ في الرد.
إذا أردت أن ترد على الغلاة فرد عليهم بمنهج الاعتدال، وكذلك العكس هناك من راح يعالج مظاهر الانفلات، ومظاهر التميع في الدين، مظاهر التساهل بالغلو الذي نتج عنه التكفير والتفجير زعما منهم أن هذا هو الرد الحقيقي الذي نرد به الباطل، وهذا كله خروج عن منهج الإسلام منهج الاعتدال؛ ولذلك نجد كلا الفريقين الذين شطحوا في الرد بالمنهج هذا أو ذالك كل منهم أساء إلى الإسلام؛ فتشوشت مفاهيم الأمم تجاه الإسلام اليوم، تشوشت مفاهيم حتى كثير من المسلمين عامة المسلمين وناشئتهم تشوشت مفاهيمهم تجاه اعتدال الدين ووسطيته؛ لأنهم يرون المنهج الخاطيء في الرد.
فلا يرد البدعة ببدعة، ولا يرد الغلو بالغلو، ولا يرد الإفراط بالجفاء أو التفريط بالجفاء، يعني مثلا الذين يردون البدع التي أحدثها الناس في حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد يكون عند بعضهم شيء من الجفاء في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - فهؤلاء وقعوا في خطأ خطأ شنيع، والأنموذج في هذا أن يكون المسلم معتدل في محبته لله ومحبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - محبته للخير وألايرد بدع الناس التي ابتدعوها في الدين ببدع مقابلة أو بنحوه، ولا يقابل التفريط بالغلو ولا العكس، ثم ننتقل إلى القاعدة الثانية عشرة.
القاعدة الثانية عشرة: يقول شيخنا - حفظه الله - (كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار).
نعم هذه أيضا من القواعد الكبرى العظيمة التي يحتاجها المسلمون دائما في كل زمان وفي هذا الوقت بشكل أكبر لماذا؟ لأن الجهل بهذه القاعدة وعدم تحكيمها وهي قاعدة متقنة محكمة أدى بكثير من المسلمين إلى الوقوع بأنواع البدع: البدع الاعتقادية، البدع في العبادات، البدع في المناهج، البدع في التعامل، البدع في السلوكيات إلى آخره، مع أن أغلب البدع، أو الأصل في البدع أنها تكون في العقائد والعبادات، أغلب أمور السلوكيات والأخلاق والتعامل تحكمها المصالح العامة، وتعتبر من الأمور التي الأصل فيها الحل والإباحة، وسائل الحياة وأمور التعامل والأخلاق، وكذلك تناول ما يسره الله عز وجل للعباد من خيرات الأرض وما فيها من كنوز كل ذلك الأصل فيه الإباحة، وقل أن يدخل فيه الابتداع إنما الابتداع يكون في العقائد وفي العبادات وفي الأعياد وتدخل فيه الاحتفالات، هذا أغلب الابتداع الذي وقعت فيه الأمة ولا تزال تقع، مع أن المتأمل لأحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - التي جاءت لحماية الأمة من البدع يجدها من أقوى الأحكام، ومن أقوى القواعد في وضوحها وإحكامها وفي سد منافذ الفهم الخاطيء فيها، يعني جاء التحذير من النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن البدعة على وجوه متعددة من الألفاظ المحكمة الموجزة المتقنة التي لا يمكن أن تتأول ولا تخترق، وهذا فيه إشارة إلى أن الأمة سيكون فيها من يقع في البدع مجمل ومفصل، جاء محكم، جاء بين لا لبس فيه يعني يتصف عند المتخصصين بالحدية، حدي لا يمكن تجاوزه، وسأضرب لكم الأمثلة.
أولاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على( أن كل بدعة ضلالة)، ثم أضاف عبارة في لفظ آخر ودائما عبارات النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا تعددت فهي تشمل معانٍ تعدد الألفاظ يدل على تعدد المعاني وإحكام الأمور، فالنبي - صلى الله عليه وسلم -
ورد عنه في هذه القاعدة عدة ألفاظ منها قوله - صلى الله عليه وسلم -( كل محدثة في الدين بدعة) أنظر إلى الإحكام عبارات محدودة بينة لا لبس فيها ولا غموض جامعة مانعة.
النبي - صلى الله عليه وسلم - من خصائصة أنه أوتي جوامع الكلم، الكلمات تشمل ملايين المعاني والمفردات في ثلاث عبارات، (كل محدثة في الدين بدعة).
أولاً: كلمة كل ماذا تعني؟ ثم قال (كل محدثة) بعض الناس قد يقول: إن هذا يعني المحدثات عموما، لا (كل محدثة في الدين) قال: بدعة.
ومن هنا أحب أن أنبه طلاب العلم خاصة من الغفلة أحيانا البحث عن تعريفات البدعة، تعريف الناس للبدعة مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرفها تعريفا جامعا شاملا كاملا لا مزيد عليه، ولذلك أرى أن نقتصر على هذا التعريف.
إذًا قيل ما البدعة؟ نقول: (كل محدثة في الدين بدعة) هذا نص حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - ونستريح من الخلافات في البدعة، هذا أمر الأمر الآخر النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضا زيادة في بيان أن البدعة كلها مذمومة، قال: (وكل بدعة ضلالة) حتى لا يأتينا من يتحزلق ويقول لنا:
إن هناك بدعة حسنة، أو بدعة هي فيها هداية، أو فيها خير، كيف تكون بدعة حسنة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (وكل بدعة ضلالة)، مطلقا تشمل ملايين المفردات أيضا نجد هذه المسألة أحكمت في نصوص أخرى، مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه النصوص متواترة قول النبي - صلى الله عليه وسلم - (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) لاحظوا كيف (من أحدث في أمرن) ما أمرنا؟ هو أمر الدين ما ليس منه -من أمر الدين- ما لم يأتِ منه مما جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو رد: يعني مردود على صاحبه.
والرد: كلمة حازمة انظر كيفية اختيار العبارة فهو رد: مردود لا يمكن قبوله اعتقادا ولا قولا ولا عملا، وأيضا لما ورد احتمال أو قد يرد، لما كان قد يرد على أذهان بعض الناس احتمال تأويل الكلمة جاءت بلفظ آخر، قال (من عمل عمل) الأولى: من أحدث في أمرنا، والثانية: قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد، فهذا يعني جميع العمل: عمل القلب، وعمل الجوارح، وتعرفون أن من أصول السنة القطعية أن الإيمان اعتقاد، وقول، وعمل، وعلى هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -(من عمل عمل ليس عليه أمرن) يشمل الأعمال القلبية الاعتقادية، وأحوال القلب، ويشمل القول، ويشمل الأفعال التي هي العبادات ونحوها مما هو من البدع.
نخلص من هذا أنا إذا رددنا هذه القاعدة إلى قواعد أخرى صارت أكثر إحكاما من القواعد الأخرى التي قلنا فيها أن مصدر الدين ما هو؟ الكتاب والسنة، ثم قلنا: إن الله أكمل الدين لا يحتاج إلى زيادة ولا إلى نقص، وكمال الدين يتنافى مع إحداث بدع كمال الدين يتنافى تنافيا قطعيا عقلا وشرعا وعرفا وعلى مقتضى الفطرة، والواقع يتنافى إذا قلنا أن الدين كامل هل يعقل أنا نقبل بدعة في الدين أو حدث في الدين أو نقص أو زيادة، إذن مادام الله عز وجل أكمل الدين فتأتي مسألة أخرى وهي أيضا أن الله قد تكفل بحفظ الدين وجعله ظاهرا؛ لأنه قد يقول إنسان جاهل أو متحزلق أو منافق نعم، أكمل الله الدين لكن الناس أضاعوا الدين، نقول: إذا كان بعض المسلمين أضاعوا بعض العمل بالدين فلا يعني أن الدين بذاته ضاعت معالمه؛ لأن مصادره محفوظة، وأن الله عز وجل كما أكمل الدين تكفل بحفظه وجعل نبيه - صلى الله عليه وسلم - خاتما للأنبياء، لألا يحتاجوا الناس إلى نبوة، وإذا احتاجوا إلى شيء جديد للدين يبتدعونه لاحتاجوا إلى نبوة؛ لأنه لو فتحنا باب الإحداث في الدين كل إنسان سيذكر من الدين ما يحلوا له، ما يميل إليه قلبه وعاطفته ورغباته حتى وإن سماه دين يدخل الشيطان على الناس، وكل يدعي أن ما يعتقده ويقوله مما لم يرد في الكتاب والسنة ويفعله ويهواه أنه دين لا سيما أن الشيطان دخل على أهل البدع مدخل خطير، وهو أنه دخل عليهم بدعوى أن ما يحدثونه يدخل في نصر الدين أو في تأييد الدين، فمثلا بدع الاحتفالات بزعم منهم أنها محبة لمن يحتفلون في حقه من الأنبياء والصالحين، وهذا مدخل للشيطان خطير التبرك الاحتفاء بالأشخاص والأشياء على أكثر مما ورد به الشرع يأتي باسم محبة أولياء الله، فيأتي باسم التدين.
ومن هنا أكبر خطر في الابتداع أنه يأتي باسم التدين باسم التعبد الإلهي بأشياء، أو محبة الله عز وجل، أو محبة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو محبة أولياء الله، وهذه مداخل خطيرة، مع أن الله عز وجل وفى من الأحكام والأفعال والاعتقادات في هذه الأمور ما لا يمكن أن يحتاج الناس بعده إلى شيء من الدين.
إذن فلا يمكن لأحد أن يحدث شيئا ويزعم أنه من الدين بحال من الأحوال وعلى هذا سيأتي -إن شاء الله- من خلال الدروس القادمة نماذج لمثل هذه الأمور من البدع وغيرها ترد على مقتضى الكتاب والسنة ومقتضى هذه القاعدة، نسأل الله الجميع التوفيق والسداد وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله أجمعين.
نبدأ في استقبال الأسئلة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: ذكرتم فضيلتكم في قاعدة الإلهام والفراسة والرؤى، أن الإلهام قد يقع لبعض الناس مثلما وقع لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه وأرضاه -، ذكرتم فيما بعد أن عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -( كل بدعة ضلالة) وقول عمر في صلاة التراويح: "نعمت البدعة هذه"، ما رأي فضيلتكم في هذا .
هذه مسألة مهمة وكثيرا ما تسأل، نأخذها بالقاعدة أولاً:
صلاة التراويح ألم يصلها النبي - صلى الله عليه وسلم -
ثانياً: حينما تركها النبي - صلى الله عليه وسلم - ألم يتركها لعلة ظاهرة، ما العلة؟ خوفًا أن تفرض، لكن بعدما مات النبي - صلى الله عليه وسلم - هل يعقل أن تفرض؟
كلام عمر "نعمت البدعة" إن صح فهو من باب المشاكلة في الألفاظ وهذا يوجد في ألفاظنا كثير، من باب التنزل موجود في الخطاب عند العلماء والأئمة وغيرهم لا يعني أنه يمدحها على أنها بدعة، لكن كأنه يقول للسائل مادمت تدعي أنها بدعة فنعمت البدعة، فنعمت البدعة؛ لأن أصلها موجود في الشرع.
فالبدع قد يسمى ابتداع لغة، لكن ليس هو البدعة المصطلح عليها التي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عنها لا يجد أهل البدع إلا مثل هذا الدليل الدليل مشتبه فهل نستدل بمشتبهات؟
وردت كثير من الإجابات لعلي أعرضها كما هي لتعلق عليه.
بالنسبة للسؤال الأول: ما مصادر الدين عموما والعقيدة خصوصا؟ وردت إجابات كثيرة بأنها الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، وأخر قال: الكتاب، والسنة، وإلإجماع فقط، وأخر أخرج القياس أن يكون مصدرا للعقيدة، وآخرقال: الرجوع إلى العلماء الربانيين الذين رفعهم الله بعلمه.
الإجابات في مجملها متقنة وجيدة، ويبدو أن التي أجابت وذكرت القياس اختلط عليها الاجتهاد في الفقه والأحكام الاجتهادية والعقيدة، سبق أن قررنا في الدروس السابقة أن العقيدة توقيفية قطعية لا مجال للاجتهاد فيها، فمن هنا لا يرد القياس، نعم القياس يعتبر من وسائل الاجتهاد وليس من المصادر أيضا تسميته مصادر، مصدر تسميته فيها تجوز حتى في الأحكام نوع من التوسع في الاصطلاح وإلا فالقياس لا يرد في العقيدة؛ لأنها ليس اجتهادية.
وعلى هذا فإجابات الإخوة متكاملة، والذين قالوا الكتاب والسنة أجابوا إجابة جيدة، والذين أضافوا الإجماع كذلك إجابتهم جيدة، ولا تنافي بين الجوابين؛ لأن الإجماع مبني على الكتاب والسنة كما قررنا سابقا.
أحسن الله إليك ياشيخ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، البدعة ذكرت أنواع ومن تعريفها أنه الشيء الذي لم يكن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - هل الأشياء المخترعات تعتبر بدعة ومن أي نوع من البدع؟
ما يتعلق بالمخترعات وغيرها وسائل الحياة ليس فيها بدع بل ينبغي للمسلم دائما أن يأخذ بأحدث وسيلة تخدم حياته ودينه، إذا لم تتعارض هذه الوسيلة مع غايات الشرف إذا انطبقت عليها الشروط.
البدع إذن لا تكون إلا في العقائد، العبادات، والاحتفالات البدعية ونحوها ما يتدين به الناس، المخترعات والمصنوعات ووسائل الحياة ومناهج التعامل مع الآخرين إذا التزمت أصول الشرع هذه الأصل فيها الإباحة مطلقا، وكل مستجد فيها يفيد يجب الأخذ به بضوابطه الشرعية، لا تسمى بدع؛ لأن البدع لا تكون إلا في الدين، في العقيدة في العبادة فيما يلحق بذلك من الأعياد والاحتفالات ونحوها، والمناهج القطعية في الدين هذه هي التي يكون فيها الابتداع، أما الحياة وسائلها مناهج الحياة البحتة الاقتصادية وغيرها فالأصل فيه الإباحة بشروط الشرعِ، وما يستجد منها لا يعتبر بدع في المصطلح الشرعي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، قال الشيخ: إن الكرامة تقع من أهل البدع هل عند الشيخ أمثلة من التاريخ على هذا الشيء، لأن هذه فتنة؟ الأمر الثاني: ما الأمر على أن الكرامة لا ينشرها بين أحبابه وزملائه لا يدخل فيها الرياء ولكن فتح الله عليه هذا الشيء؟.
أما الكرامة التي أشار إليها الأخ الكرامات تختلط أحيانا بالخوارق التي فيها فتنة فمثلا إنسان دعى عند قبر اعتقادا منه أن الدعاء عند القبر يكون مجاب بناء على تعلق قلبه بصاحب القبر هذا قد يجاب فتكون هذه ظاهرها الكرامة وهي استدراج قد ينتفع بمثل هذا العمل انتفاعا يكون أحيانا خارق للعادة كأن يشفى من مرض معضل، أو مثلا يحدث له شيء لم يكن يحدث للعادة من جلب نفع أو دفع ضر ويكون هذا من باب الابتلاء؛ لأن الله تعالى وكله إلى ما فعل وخسر دينه ويكسب ما يريد من متاع الدنيا، أما كون الكرامة لا تنشر فلأن هذا نهج السلف الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يكرهون وهو سبيل المؤمنين كراهية أن تنشر الكرامة من سبيل المؤمنين كانوا يكرهون ذلك، ولأن هذا يجده أي إنسان نوع من التورع وأحواله القلبية على مقتضى الشرع يجد أنه إذا تحدث عن كرامته تميل نفسه إلى الغرور تميل إلى الرياء، وما دام أكرمه الله بكرامة فينبغي أن يحفظ ما بينه وبين ربه، أما الحديث عن الكرامة يكون أحيانا من باب الاتعاظ أو من باب تبشير الناس بالخير أو من باب الفائدة للآخرين المتحققة فهذا يكون بقدر بضوابطه الشرعية.
السلام عليكم يا شيخ عندي سؤالين: السؤال الأول: البدعة عموما معناها؟
السؤال الأول: كان عن مفهوم البدعة وقد تحدثت عنه، البدعة: هي كل محدثة في الدين في العقيدة والعبادات والأمور التي تعبد به الخلق مثل الاحتفالات البدعية وغيرها كل هذا ما تدين به الناس مما لم يرد به الشرع فهو بدعة وعلى هذا فإن وسائل الحياة لا تدخل في التدين، وسائل الحياة من المباحات الأصل فيه الإباحة ولا تدخل في البدعة.
السؤال الثاني: وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي، ما معنى أغتال من تحتي؟
أما عبارة يغتال من تحتي، فمعناها ألا يأتيني أذى من تحتي، من أذى الجن والشياطين، وغالبا يكون أذى الجن والشياطين يكون من تحت الإنسان هذا هو الغالب، كأنه يستعيذ بالله عز وجل أن يأتيه هذا الأذى الأغلب على هذا النحو.
ما موقف العامي من البدعة وأهلها؟
أما موقف العامي من البدعة كما سأل السائل عليه أن يبتعد عن البدعة، وأن يبتعد عن أجواء البدعة وعن مخالطة أهل البدعة في بدعهم، وأن يناصح بإجمال ولا يدخل في التفاصيل، وأن يرجع إلى العلماء في هذه الأمور، أهم مسألة في موقف العامي مما يخالفه الناس اليوم وكثير من المسلمين أن بعض العوام والعامي لا يعني مجرد الذي لا يقرأ ولا يكتب، العامي هو من لا فقه له في الدين، وإن سمى نفسه متعلم، لأن العامية أحيانا تطلق على من هو متعلم لكنه عامي في أمور الدين، فهذا عليه ألا يوقع نفسه فيما يحرجه شرعا، يعني إذا رأى بدعة إن كان ينكرها إنكارا مجملا ولا يتشابس مع أصحاب البدع بالحوار وهو لا يفقه أو لا يعلم ولا يتشابه أيضا باستعمال الأساليب التي فيها قسوة وعنف، فإنه لا ينبغي بل لا ترد البدعة بالعنف، فالعامي عليه ألا يقع في اشتباك يوقعه في حرج ويخرجه من الأدب، لكن أيضا عليه أن يبتعد عن مواطن البدع، حتى لا تصله العدوى.
قلت قبل قليل أنه ليس هناك بدعة حسنة.
نعم هذا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس قولي.
ما كان من الخط البني المحاذي للحجر الأسود بعض العلماء يقول أنه بدعة حسنة، أو ما كان مثل مشاريع إفطار صائم أو ما لم يكن موجود على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أمر ناصح للأمة هل هذا يقال له بدعة أو لا؟ والواضح أنه أمر نصح للأمة؟
أما البدعة الحسنة فالوسائل التي ذكرها السائل ليست من باب البدع شرعا ولا اصطلاحا، مثلا وسائل المضرات الأعمال الخيرية ووسائل الدعوة إلى الله عز وجل العمل الخيري المرتب الذي يحمل وسائل متعددة يستخدم التقنيات الحديثة ونحو ذلك هذا كله يدخل في باب الوسائل العامة في باب المباحات العامة، ليست هذه من باب التدين بل هي من باب الوسائل، باب الوسائل إذا توافرت فيه الضوابط الشرعية كله مفتوح، فأنا أقول ما ذكره السائل لا ينطبق على مفهوم البدعة؛ لأنه داخل في الأمور الدنيوية البحتة.
أخونا من المغرب يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سؤالي: ما مدى صحة قول "إذا تتبعت ذلة العلماء اجتمع فيك الشر كله".
نعم هذه مقولة لا بأس بها نعم؛ لأن الإنسان الذي يتتبع الذلات سواء من باب الفتنة بها، أو من باب النقد، أو من باب التعلق بها، وأخذها هذا لا شك أنه يهلك؛ لأن الذلات هي أخطاء، فالإنسان الذي سيأخذ بالأخطاء منهجا له أو للشماتة بالعلماء لا شك أنه يهلك نسأل الله العافية.
الأخ يسأل هل الإلهام يعتبر من التشريع؟
إلهام النبي - صلى الله عليه وسلم - من التشريع أما ما بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فالإلهام لا يدخل في التشريع إنما الإلهام إذا توافرت فيه الشروط الملهم يوافق ما يرد إليه يوافق الكتاب والسنة.
فعلى هذا نظرا لأن الإلهام حده غامض، إذا كان ما يحدث للإنسان من إلهامات يوافق الكتاب والسنة فهو من توفيق الله ويدخل في باب الإلهام، أما إذا خالف الكتاب والسنة فليس إلهاما إنما هو من عبث الشيطان.
هل كل من وقع في بدعة يحكم عليه أنه مبتدع أم أن هناك ضوابط شرعية تطبق على من وقع في البدعة؟
أحسنت وهذا أيضا مما يحتاجه طلاب العلم بخاصة وعموم المسلمين بعامة، وهو أنه إذا رأينا إنسانا مسلما وقع في بدعة قولية، أو اعتقادية، أو فعلية، أو مارس بدعة من البدع في منهجه في الحياة، هل يحكم عليه أنه مبتدع لأول وهلة؟ نقول: الأصل هذا يرجع إلى أن البدعة أو البدع إذا كانت منهجا للشخص بمعنى أنه ينهج نهج المبتدع في الاستدلال وفي الممارسات وفي العبادات أو يعتقد صحة مناهجهم فهو مبتدع، وإن قلت عنده البدع العملية الظاهرة؛ لأ